وهي تنتمي الى مايسمى (أدب الرحلات) حيث يسير فيها هيلرعلى خطى همنغواي ونيك آدامزاللذان اشتهرا بكتابة مغامرات السفر. وفي مقابلة اجرتها معه مجلة باري ماتش قال عن علاقته بالطبيعة والسفر:
– أنا أحب الطبيعة، سواء كانت نهرًا أو منظرًا طبيعيًا بريًا، وفي نفس الوقت أسعى لأن أكون أفضل كاتب. كنت أرغب في كتابة الروايات منذ أن كنت في الحادية عشرة من عمري،وعندما كنت أتجول في المكتبة الصغيرة في مدرستي في نيويورك.لاحظت أمينة المكتبة ولعي بالكتب وكانت تعرف ذوقي وهي التي قادتني الى كتب إرنست همنغواي ونيك آدامز.. لذا ذهبت إلى كلية (دارتموث)، ودرست الأدب وعلم الأحياء حتى أستطيع التمييز بين شجرة التنوب والصنوبر، وتعلمت أسماء النباتات والطيور.
*ماذا فعلت بعد دارتموث؟
– كان علي أن أكسب لقمة العيش،وبدأت في الكتابة للمجلات لسنوات..ولكن، طوال هذا الوقت، واصلت تدريب حواسي من أجل التقاط كل التفاصيل. كتبت كل ما قاله الناس في دفاتري اليومية، وتعلمت كيف أقوم برسم الشخصية بحيث تقفز على الفور من الصفحة، مما يمنع القارئ من إغلاق المجلة. وتعلمت استحضار روح المكان لأنقل اليه القارئ.كنت قد ادخرت ما يكفي من المال وحان الوقت لأستقر وأكتب روايتي الاولى.
*هناك أوجه تشابه بين روايتك الجديدة (الدليل) وروايتك (النهر) لوجود نفس البطل الذي يخوض مغامرة الصيد فيها؟
-أنا تهمني الموسيقى واللغة أكثر من الحبكة فقد بدأت كشاعر، لذلك أحتاج إلى جملة يغريني إيقاعها؛ وبمجرد أن أجدها، أطاردها خلال الجملتين الثانية والثالثة، وهكذا، تتداخل القصة مع اللغة. وبسرعة كبيرة، أجد نفسي وجهاً لوجه مع مايدور في قلبي. وفي هذه الرواية الجديدة، كان هناك دليل. كوخ يطل على نهر جميل في جبال جنوب غرب كولورادو؛ وشرفة أمامية،بالإضافة إلى كرسيين هزازين من الخيزران. ثم يضع رجل حقيبته على الشرفة ونرى أنه جاك! وهو شخصية تركتها في نهاية الرواية السابقة (النهر).
* تتضمن كتبك كلها مسارًا جغرافيًا وهو نمط أساسي في الخيال الأمريكي، يظهر في أفلام والت ديزني الأولى وفي أفلام الغرب وفي كتب: ميلفيل، مارك توين، إل فرانك بوم، همنغواي، شتاينبك (عناقيد الغضب)، كورماك مكارثي (الطريق)، حيث البطل الحقيقي هو الشارع أو النهر أو البحر؟
-ما أحبه في الأنهار المجهولة هو أنك تخرج من منعطف ضيق ولا تعرف ما يمكن توقعه، وعندما شرعت في صناعة الخيال، أردت أن تكون كتبي مثل رحلة استكشافية في النهر، حيث أتابع تدفق رواية القصص عبر مناطق جديدة، فقط لأرتعش عندما أخرج من المنعطفات الضيقة..في البداية، لم أكن أعرف ما إذا كانت هذه الطريقة ستنجح.لكني كتبت رواياتي بها.
*يوجد الخطر في كل مكان في روايتك فهي تذكرنا بفيلم لجيمس بوند؟
-إنها مستوحاة من أماكن حقيقية إذ يوجد في كولورادو نهر تايلور، وقسم منه مفتوح للجمهور، بينما منع المليارديرات الناس من الوصول إلى الجزء المفضل لدي ولم يتبق سوى ثلاثمائة متر حيث يمكنني الصيد. بالنسبة لي، يتجلى ذلك في التفاوت المتزايد في أمريكا بين الأغنياء والطبقة الوسطى والدنيا التي بالكاد تسد معيشتها ويعمل افرادها في وظيفتين أو ثلاث وظائف، كلها في قطاع الخدمات، لخدمة الطبقة المميزة التي تصيد الأسماك. اليوم، من الواضح أن الطبقة الوسطى قد اختفت، بينما في أيامي الأولى، كان العمال ذوو الياقات الزرقاء الذين علموني كيفية الصيد يعملون في محطات الوقود أو العمل في المناجم أو في المزارع، ويمكن أن يمتلكوا كوخًا صغيرًا مع قارب ويأخذون إجازة. لم يعد هذا هو الحال، فهؤلاء الناس يتقاضون رواتب كارثية، وهم قريبون من الفقر، وليس لديهم تأمين صحي.
* تتحدث في روايتك عن الخط الفاصل بين الخير والشر؟
– في مشهد من الرواية، يطلب جاك من مارلين روبنسون، التي تُدرِّس الأدب في الجامعة حيث كان طالبًا، أن تقدم له تعريفًا للشر. فتجيب بأنه “عقبة أمام الوجود”. وهذا ما يحدث في هذه الرواية وفي العديد من الأماكن في العالم اليوم، إذ يحدث استغلال الضعفاء في كل مكان حولنا.
* بالإضافة إليكم، من هم أحفاد همنغواي الآخرون اليوم؟
-كورماك مكارثي أثرعلي كثيراً.وقد كان أسلوب همنغواي المكثف واسع الانتشار لدرجة أنني أجبرت نفسي على دراسة نقيضه، لذلك قرأت فولكنر كثيرًا..وفي الكلية،قرأت لمؤلفين مثل كالفينو وبورجيس،الذين يميلون نحو السريالية، وموراكامي وهو أحد ورثتهم.