وجاء في البيانات التي نُشرت في وقت متأخر من أمس (الثلاثاء) أن أكثر من 2.4 مليون نزحوا داخلياً، وعبر أكثر من 730 ألفاً الحدود إلى بلدان مجاورة. وفرَّ معظم هؤلاء، إما من العاصمة الخرطوم؛ حيث يتركز الصراع على السلطة بين الطرفين الذي اندلع في 15 أبريل (نيسان)، وإما من دارفور؛ حيث تصاعدت أعمال عنف عرقية. وقال سكان، امس (الأربعاء) إنهم سمعوا أصوات طائرات مقاتلة وقصف مدفعي في أم درمان وبحري، اللتين تشكلان مع الخرطوم العاصمة الكبرى.
كما وردت أنباء عن اندلاع قتال في الأيام الماضية بين الجيش وفصائل «الحركة الشعبية لتحرير السودان» المتمردة، في ولاية جنوب كردفان، وفي ولاية النيل الأزرق بالقرب من الحدود مع إثيوبيا، مما أدى إلى موجات نزوح من تلك المناطق أيضاً.
وأدى القتال إلى تدمير مناطق واسعة في العاصمة، وإلى موجات من الهجمات في دارفور. وتعرض المدنيون لجرائم نهب، وحالات انقطاع للتيار الكهربائي، ونقص الغذاء والماء، وانهيار الخدمات الصحية، وازدياد جرائم العنف الجنسي.
وقالت «وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل» التابعة للحكومة السودانية، أمس، إنها سجلت 9 حالات جديدة من الاعتداء الجنسي في الخرطوم، ليرتفع العدد الإجمالي منذ منتصف نيسان/أبريل إلى 51 حالة، مضيفة أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير على الأرجح.
وقالت الوحدة التي يُنظر إليها على أنها محايدة، في بيان، إن معظم الضحايا اتهموا قوات «الدعم السريع» بالوقوف وراء الاعتداءات.
ودعت قوات «الدعم السريع» المدنيين إلى الإبلاغ عن الانتهاكات، وقالت إنها ستحاسب العناصر التي يتبين تورطها في الانتهاكات.
وفر معظم أولئك الذين غادروا السودان شمالاً إلى مصر، أو غرباً إلى تشاد، مع عبور أعداد كبيرة أيضاً إلى جنوب السودان وإثيوبيا.
وبعد تقاسم السلطة مع المدنيين في أعقاب الإطاحة بعمر البشير من الرئاسة، في انتفاضة شعبية قبل 4 سنوات، استأثر الجيش وقوات «الدعم السريع» بالسلطة كاملة، في انقلاب عام 2021، قبل أن تدب الخلافات بين الطرفين على خلفية خطة لإجراء انتخابات ديمقراطية.
ولم تحرز الجهود الدولية للتوسط في إنهاء الصراع تقدماً يُذكر. وستعقد دول جوار السودان قمة في القاهرة اليوم الخميس.
من جهة اخرى أعلنت الحكومة البريطانية امس الأربعاء فرض عقوبات على ستّ شركات قالت إنّها مرتبطة بطرفي النزاع الدائر في السودان، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مكتب الكومنولث الأجنبي والتنمية (FCDO) إنّه فرض عقوبات على الشركات “التي تقوم بتغذية الصراع المدمّر في السودان عبر توفير التمويل والأسلحة للقوات المتحاربة”.
وأوضح البيان أنّ هذه الإجراءات تستهدف ثلاث شركات مرتبطة بالجيش السوداني وثلاث شركات أخرى مرتبطة بقوات الدعم السريع التي تقاتله حالياً. وبحسب البيان، فإنّ هذه العقوبات “ستحدّ من حريّتهم المالية من خلال منع مواطني المملكة المتحدة والشركات والبنوك من التعامل معهم والضغط على الأطراف للانخراط في عملية السلام”.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن العقوبات «تستهدف بشكل مباشر الذين تسبّبت أفعالهم بتدمير حياة الملايين». وأضاف أنّ “الجانبين ارتكبا انتهاكات عديدة لوقف إطلاق النار في حرب غير مبرّرة على الإطلاق”. وتابع: “لا يزال مدنيون أبرياء يواجهون الآثار المدمّرة لهذه الأعمال العدائية، ولا يمكننا ببساطة الجلوس مكتوفي الأيدي ومشاهدة أموال هذه الشركات، التي تقوم بتمويل الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع، تنفق على صراع عبثي”.
ومنذ اندلاعها في 15 نيسان، تتواصل المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو من دون أيّ أفق للتهدئة. وكانت واشنطن فرضت الشهر الماضي عقوبات على شركات مرتبطة بطرفي النزاع في السودان وقيوداً على التأشيرات «بحقّ الأطراف الذين يمارسون العنف» في السودان، وذلك بهدف تجفيف مصادر تمويل طرفي النزاع.