الموصل/ سيف الدين العبيدي

عند زيارتك إلى مدينة الموصل ستتعرف فيها عن قرب على الكثير من المهن التي تنفرد بها هذه المدينة عن بقية المدن العراقية الاخرى ومنها صناعة عصير السوس الذي تشتهر به ام الربيعين منذ سنين طويلة، وأصبحت مهنة تراثية لديها، يعرف السوس بأنه نبتة تظهر على حافة النهر دون زراعتها او تدخل الانسان فيها بسبب نموها في تربة خاصة وتكون على شكل اعواد من الخشب، ويحصدها الفلاحون ثم يأتون بها لصانعيها من اصحاب المهنة في داخل المدينة.
حسن حسين واحد من اقدم صانعي السوس الذي يعمل بها لاكثر من ٢٠ سنة، تحدث لـ(المدى)، عن كيفية صناعتها من خلال القيام بطحن عود السوس عن طريق المطرقة سابقاً، وحالياً توفرت مكائن تسهل عملية الطحن بشكل اسرع، ثم يقوم بإزالة جميع الشوائب منه وتجفيفه على اشعة الشمس، وبعد ذلك يوضع بالماء لمدة ساعة او ٩٠ دقيقة اذا كان السوس مطحونا بالماكنة، اما اذا كان بواسطة المطرقة فيتم وضعه بالماء لمدة ليلة كاملة، وتتم تصفيته بعد ذلك بواسطة الغربال، وبالتالي يخرج عصير خالي من اية شوائب ودون إضافة اية اصباغ او مواد حافظة.
يقول حسن إنه: خلال وضعه بالماء يضاف له الثلج الذي يعطيه طعما ولونا، ويكون على نوعين (المركّز والعادي). وبينَ ان موسم صناعة السوس يكون خلال فترة الصيف، اي من الشهر ايار ولغاية تشرين الاول، بالإضافة إلى شهر رمضان الذي يسوق فيه كميات كبيرة واكثر ارباحه تكون خلال هذا الشهر بسبب إقبال الناس عليه لأنه يمنع التعرق والعطش لأطول فترة ممكنة من اليوم.
وعن فوائده، اوضح حسن، ان السوس بالأصل يعتبر علاجا وله فوائد عديدة منها لمرضى حصى الكلى والمعدة والالتهابات العامة، واستخدم ايضاً في معالجة حالات كورونا، وانه مفيد للنساء اكثر من الرجال بمعالجة الالتهابات، وكذلك ينظم السكر بالجسم، ويقضي على الغثيان، وأوضح، ان بائعي السوس يحملون العصير على ظهرهم عبر كيس كبير مصنوع من القماش المبطن، وسابقاً كانت صناعته من الجلد، مع ارتداء ملابسهم الخاصة التي يتميزون بها.
صبحي محمد، احد اقدم بائعي السوس يقول بحديثه لـ(المدى)، انه يعمل بهذه المهنة منذ ٣٠ سنة، وان اكثر زبائنه هم من سائقي السيارات الذين يشربون هذا العصير لأنه يمنعهم من العطش والتعرق لأطول فترة ممكنة خلال وقت عملهم بأجواء الصيف، واضاف ان لكل بائع لديه نغمة خاصة يعزفها عن طريق ضرب “الطاسات” ببعضها البعض وهي دلالة لزبائنه على قدومه.
وبسبب اعتزاز ابناء ام الربيعين بهذه المهنة، فقد عمل النحات الموصلي المعروف طلال صفاوي على صنع تمثال خاص لبائع السوس ووضع في إحدى التقاطعات والتي أصبحت معروفة بأسم “دورة السواس”، والواقعة في الجانب الايمن من المدينة على طريق الخروج من الموصل باتجاه العاصمة بغداد.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © أخبار العراق اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.