متابعة المدى
قاسم عبد، مخرج ومنتج ومدير تصوير، نال عدة جوائز وهو مصور لجميع أفلامه. تخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد وحصل على درجة الماجستير من معهد السينما في موسكو. ثم انتقل إلى لندن عام 1982 حيث استقر هناك وعمل كمخرج.
شارك بتأسيس كلية السينما والتلفزيون المستقلة عام 2004 مع المخرجة العراقية ميسون عدنان الباججي. واختيرعضوا في لجان تحكيم في عدد من المهرجانات السينمائية منها في مهرجان أبوظبي، ومهرجان الإسماعيلية السينمائي و مهرجان السودان للسينما المستقلة. فيلمه الأخير (أعيش هنا وأتنفس هناك) الوثائقي الجديد، يضاف الى افلامه الوثائقية التي صنعها سابقا.
عن هذا الفيلم يقول: أعيش هنا واتنفس هناك، هو فيلم وثائقي تجريبي طويل 80 دقيقة، يتابع جريان وتفاصيل الحياة في شارعين أحدهما في لندن والاخر في بغداد. الفيلم متفرد وشخصي جداً ومختلف ينتمي الى السينما الشعرية والتي هي في الغالب خاصة وذاتية وتعتمد على السرد البصري بدل السرد القصصي، هذا النوع من السينما لا يهتم بالبناء التقليدي للفيلم “بداية وسط نهاية” ولا يعير اهمية كبيرة للحوار والحبكة والصراع بين قوى متضادة، لأن بناءه وايقاعه الداخلي يعتمد على إثارة المشاعر والأفكار عبر لغة الصورة السينمائية وتجسيد حالات وتجارب انسانية أكثر من رواية قصص بالأطر التقليدية. قوة المكان في هذين الشارعين تعكس ملامح مدينتين مختلفتين، وكل شارع له حياته الخاص، مزاجه، وهويته الثقافية، ووتيرته، ضوضاءه وصمته.
سبب اختياري لهذين الشارعين هو أنهما جزء من حياتي الشخصية، وجزء من تكوين نفسي، وجزء من الذاكرة القديمة والذاكرة الجديدة، فانا ولدت في بغداد وترعرعت وعشت كل طفولتي وشبابي فيها. في الوقت نفسه، أعيش في لندن منذ اكثر من 40 عاما ومعظم ذكرياتي كشخص بالغ وحياتي المهنية مرتبطة بهذه المدينة. زمن الفيلم يتعدى الساعة، مع انحسار الموضوع والتعليق، سألنا المخرج قاسم عبد إن كان ذلك يسبب مللا لدى المشاهد، فأجاب:
وهناك قول انا متأثر به كثيراً يقول “اذا لم تستطيع ان تكون ذاتك فما فائدة ان تكون اي شيء مهما كان؟”.
طوال حياتي كنت مخلصاً لنفسي في كل ما اعمله، لم احني رأسي لأحد، عملت الافلام التي احبها، خسرت المال وربحت السينما.
افلامي على قلتها لا تشبه احدا غيري وتشبه حياتي التي هي عبارة عن تواصل وانقطاع في المدن القريبة والبعيدة وغالباً ما اصور في الاماكن التي تقول شيئا عن حياتي الخاصة، شيئا عن الذاكرة المكانية، عن رائحة المكان، عن اللحظة العفوية العابرة في حياتي، عن المشاعر غير المترابطة وعن ايقاع الأزمنة المتداخلة، المكان والاحساس بالمكان عنصر اساسي من عناصر البناء الفيلمي عندي هو شخصي وذاتي للغاية.
كلنا نعرف ان القوة الدافعة داخل الفيلم هي قصة الفيلم التي هي مركز الاهتمام المطلق لكل سينمائي، لكن هناك قوة أخرى قد تكون محور الفيلم في تطوير ورواية القصص وهو “المكان” وقوة المكان حين يتعامل المخرج معه ليس كخلفية للاحداث، وانما كشخصية وطاقة في كشف الواقع واحداث الحياة اليومية وهذا ما هو واضح في افلامي السابقة “اجنحة الروح – حاجز سردا – همس المدن، والان فيلمي الاخير اعيش هنا واتنفس هناك.