لوس‭ ‬انجليس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬بينما‭ ‬يشكل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أبرز‭ ‬مخاوف‭ ‬كتاب‭ ‬السيناريو‭ ‬والممثلين‭ ‬المضربين‭ ‬في‭ ‬هوليوود‭ ‬الذين‭ ‬يخشون‭ ‬أن‭ ‬تحلّ‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬محلّهم،‭ ‬يرى‭ ‬مؤدّو‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬أنّها‭ ‬باتت‭ ‬واقعاً‭ ‬قائماً‭ ‬لا‭ ‬مجرّد‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الخيال‭. ‬بهدف‭ ‬توفير‭ ‬المال،‭ ‬تستعين‭ ‬الاستوديوهات‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬بصور‭ ‬ظلية‭ ‬يبتكرها‭ ‬جهاز‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬في‭ ‬المشاهد‭ ‬القتالية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬اعتُمد‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ “‬غايم‭ ‬أوف‭ ‬ثرونز‭” ‬وأفلام‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬مارفل‭. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬باتت‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬تختبر‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬البشر‭ ‬وابتكار‭ ‬مشاهد‭ ‬قتالية‭ ‬معقدة،‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬مطاردات‭ ‬بالسيارات‭ ‬أو‭ ‬عمليات‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

ومن‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬تهديد‭ ‬مهنة‭ ‬تأدية‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬فصلها‭ ‬عن‭ ‬الأعمال‭ ‬الهوليوودية،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمّنها‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمال،‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬الصامتة‭ ‬الأولى‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬مشاهد‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬الحركية‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬أفلام‭ “‬ميشن‭ ‬إمباسيبل‭”.‬

ويقول‭ ‬منسّق‭ ‬تأدية‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬فريدي‭ ‬بوسيغيز‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬أفلام‭ ‬عدة‭ ‬بينها‭ ‬سلسلة‭ “‬ترمينايتر‭”‬،‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬إلى‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ “‬إنّ‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬تتقدم‭ ‬بوتيرة‭ ‬سريعة‭ (…) ‬وهذه‭ ‬المرحلة‭ ‬مخيفة‭ ‬جداً‭ ‬لنا‭”.‬

وتطلب‭ ‬الاستوديوهات‭ ‬راهناً‭ ‬من‭ ‬مؤدي‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬الخضوع‭ “‬لعمليات‭ ‬مسح‭” ‬أثناء‭ ‬تصوير‭ ‬العمل،‭ ‬بهدف‭ ‬ابتكار‭ ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬صورهم‭ ‬ثلاثية‭ ‬الأبعاد،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توفّر‭ ‬لهم‭ ‬تفسيرات‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬صورهم‭.‬

ومع‭ ‬تقدم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬المبتكرة‭ ‬لإنشاء‭ “‬نسخ‭ ‬رقمية‭” ‬واقعية‭ ‬جداً‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الأشخاص،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬حركات‭ ‬وإجراء‭ ‬حوارات‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬تعليمات‭ ‬يتلقاها‭ ‬الجهاز‭.‬

صور‭ ‬رمزية‭ ‬

ويخشى‭ ‬بوسيغيز‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحلّ‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬الرمزية‭ ‬بسرعة‭ ‬محل‭ ‬مؤدي‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬الأساسيين،‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬أدوار‭ ‬صغيرة‭ ‬كالمشاة‭ ‬الذين‭ ‬يبتعدون‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أثناء‭ ‬مطاردة‭ ‬ما‭.‬

وستتمكن‭ ‬الاستوديوهات‭ ‬قريباُ‭ ‬من‭ ‬دمج‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬الرمزية‭ ‬في‭ ‬المشاهد‭ “‬بفضل‭ ‬المؤثرات‭ ‬الخاصة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيحرم‭ ‬آلاف‭ ‬المحترفين‭ ‬في‭ ‬المهنة‭ ‬من‭ ‬العمل‭.‬

ومع‭ ‬أنّ‭ ‬السيناريو‭ ‬مُزعزعٌ‭ ‬للمهنة،‭ ‬لكنّه‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬الجانب‭ ‬المرئي‭ ‬من‭ ‬المشكلة،‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬مخرج‭ ‬فيلم‭ “‬غران‭ ‬توريسمو‭” ‬نيل‭ ‬بلومكامب‭.‬

وفي‭ ‬فيلمه‭ ‬الذي‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬لعبة‭ ‬فيديو‭ ‬تشكّل‭ ‬سباق‭ ‬سيارات،‭ ‬يقود‭ ‬مؤدو‭ ‬مشاهد‭ ‬خطرة‭ ‬سيارات‭ ‬فعلية‭ ‬في‭ ‬حلبة‭ ‬السباق‭. ‬ووحده‭ ‬مشهد‭ ‬خطر‭ ‬جداً‭ ‬يتضمّن‭ ‬حادث‭ ‬سير‭ ‬مميتاً،‭ ‬جرى‭ ‬إنتاجه‭ ‬رقمياً‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عام،‭ ‬يُتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬حوادث‭ ‬تصادم‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬سرعات‭ ‬عالية،‭ ‬بناءً‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تعليمات‭ ‬المخرج،‭ ‬بحسب‭ ‬بلومكامب‭.‬

ويتابع‭ “‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬استغنينا‭ ‬عن‭ ‬مؤدّي‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬وعن‭ ‬الكاميرات‭ ‬ولا‭ ‬نضطر‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬ارتياد‭ ‬الحلبة‭”‬،‭ ‬مضيفاً‭ “‬سيصبح‭ ‬الأمر‭ ‬مختلفاً‭ ‬جداً‭”.‬

ويمثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الإضراب‭ ‬الذي‭ ‬يشل‭ ‬الإنتاجات‭ ‬في‭ ‬هوليوود‭ ‬طابعاً‭ ‬وجودياً‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬تقاسم‭ ‬الإيرادات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالبث‭ ‬التدفقي‭ ‬بصورة‭ ‬أفضل،‭ ‬يشكّل‭ ‬وضع‭ ‬ضمانات‭ ‬لتنظيم‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬نقطة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭.‬

‭”‬خائفون‭”‬

في‭ ‬منتصف‭ ‬تموز‭/‬يوليو،‭ ‬أكّدت‭ ‬نقابة‭ ‬الممثلين‭ ‬أنها‭ ‬تحارب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عدم‭ ‬إقدام‭ ‬الاستوديوهات‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬مسح‭ ‬للممثلين‭ ‬واستخدام‭ ‬نسخهم‭ ‬الرقمية‭ “‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مشاريعها‭ ‬المستقبلية‭ ‬وبصورة‭ ‬دائمة‭”‬،‭ ‬لقاء‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬لهم‭ ‬مقابل‭ ‬يوم‭ ‬عمل‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭.‬

من‭ ‬جانبهم،‭ ‬يقول‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬إنهم‭ ‬اقترحوا‭ ‬على‭ ‬المُضرِبين‭ ‬قواعد‭ ‬واضحة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالموافقة‭ ‬المسبقة‭ ‬والأجور‭.‬

وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬مشاهد‭ ‬لمعارك‭ ‬أو‭ ‬انفجارات‭ ‬أو‭ ‬حوادث،‭ ‬يرى‭ ‬بوسيغيز‭ ‬أنّ‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬يبقى‭ ‬ضرورياً‭.‬

ويعتبر‭ ‬أنّ‭ “‬الجماهير‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تمييز‭” ‬المؤثرات‭ ‬الخاصة‭ ‬وهذا‭ “‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬المُشاهد‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭”. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬إقدام‭ ‬توم‭ ‬كروز‭ ‬على‭ ‬تصوير‭ ‬مشاهد‭ ‬حركية‭ ‬بنفسه‭ ‬مع‭ ‬مساعدة‭ ‬مؤدي‭ ‬مشاهد‭ ‬خطرة‭ ‬فعليين‭ ‬في‭ “‬توب‭ ‬غَن‭” ‬و‭”‬ميشن‭ ‬إمباسيبل‭”‬،‭ ‬هو‭ ‬نقطة‭ ‬فخر‭ ‬له‭.‬

ويضيف‭ ‬المنسق‭ “‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬ستختفي‭ ‬يوماً‭ ‬ما،‭ ‬لكنّ‭ ‬مجال‭ ‬العمل‭ ‬سيصبح‭ ‬محدوداً‭” ‬و‭”‬أكثر‭ ‬دقة‭”‬‮ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بمؤدي‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬مع‭ ‬التأثيرات‭ ‬المضافة‭ ‬بواسطة‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬لتصوير‭ ‬أكثير‭ ‬المشاهد‭ ‬خطورة‭.‬

إلا‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬بدأ‭ ‬أساساً‭ ‬يثير‭ ‬مخافة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬زملائه‭ ‬الذين‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬الإضراب‭.‬

ويقول‭ ‬بوسيغيز‭ “‬قابلت‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬مؤدي‭ ‬المشاهد‭ ‬الخطرة‭ ‬وكانوا‭ ‬خائفين‭ ‬ومتوترين‭”.‬

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © أخبار العراق اليوم. جميع حقوق النشر محفوظة.